إن عالي الهمة يجود بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايته ، وتحقيق بغيته ، لأنه يعلم أن المكارم منوطة بالمكاره ، وأن المصالح والخيرات ، واللذات والكمالات كلها لا تنال إلا بحظ من المشقة ، ولا يعبر إليها إلا على جسر من التعب :
بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها تنال إلا على جسر من التعب
وقيل :
فقل لمرجي معالي الأمور بغير اجتهاد : رجوت المحالا
وقال آخر :
الذل في دعة النفوس ولا أرى عز المعيشة دون أن يشقى لها
قال الصديق أبو بكر رضي الله عنه :
" والله ما نمت فحلمت ، ولا توهمت فسهوت ، وإني على السبيل ما زغت " أي شغلته الحروب والفتوح وإرساء جهاز دولة الخلافة إلى حد أنه لا يتسنى له أن يستغرق في نومه ، ولا يتاح له أن يحلم ..
ولا ريب عند كل عاقل أن كمال الراحة بحسب التعب ، وكمال النعيم بحسب تحمل المشاق في طريقه ، وإنما تخلص الراحة والنعيم في دار السلام ، فأما في هذه الدار فكلا ولمًّا ..
وقال مسلم في صحيحه : قال يحيي بن أبي كثير : " لا ينال العلم براحة البدن " ..
وقيل للربيع بن خثيم : " لو أرحت نفسك ؟ " ، قال : " راحتها أريد " ..
أحزان قلبي لا تزول حتى أبشر بالقبول
وأرى كتابي باليمين وتسر عيني بالرسول
فكيف نعلو بالهمم ؟ ..
بسم الله الرحمن الرحيم
e]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ]
آل عمران :200
منقول بتصرف من كتاب :
علو الهمة
لمحمد بن إسماعيل المقدم